أيام من حياة امرأة الفصول الأربعة (1)
يسرا: أحسست أنَّ ابن الجيران هو من سيسعدني!
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]امرأة مثيرة للجدل والشجن، متناقضة مع سبق الإصرار والترصّد، في داخلها الفصول الأربعة، تبدو مثل فراشة سعيدة تهرب إلى الضوء فتحترق بنوره وناره، تعيش دائماً عند نقطة الغليان، أي كلمة حب. تحتل قلبها وقلبها مثل شخصيتها، تلّون الحيرة صورته يحلم بالاستقرار ولا يريده. يتمنى الدفء ويبتعد عنه، يبحث عن الأمان ولا يعثر عليه.
إنها خلطة ساخنة، كما أعماقها طازجة، كما أحلامها ملتهبة، كما تجاربها تحلم بالعثور على قلب تسكنه وأذن تسمعها وعقل يفهمها وحلم تحققه ونجاح تحصده.
أحياناً، تعيش يسرا الحب ولا تستمتع به، تعيش الحياة ولا تحس بها، تعيش النجومية فتفضل عليها إنسانيتها، تعطي من حين لآخر موعداً ليسرا الحقيقية التي في داخلها.
المدرسة
يسرا بلا تبرُّج... بلا سيناريو... بلا لحظة كذب واحدة قد تضطر لها كثيراً. ولأن نجوميتها تسبقها ويصعب إخفاؤها فهي تعاني منها. تكتشف أن خطواتها وقراراتها وأخبارها تحت المجهر. مشاعرها يفضحها خبر وأحاسيسها يكشفها مقال وأحلامها يرصدها حوار، وفي كل مرة تتمنى أن تدخل «محارة» خاصة بها.
في النهاية، صنعت يسرا لنفسها صورة تحبها وتكرهها. تتألم وتستمتع معها. تخاف منها وتحرص عليها. تشتاق إليها وتهرب منها، يؤكد ذلك كله أنها «حالة إنسانية» قبل أن تكون «نجمة شهيرة»، لذلك تقبلها كما هي، تفهمها قبل أن تحبها.
تتذكر يسرا: «كنت باليرينا في المدرسة الإنكليزية في مصر الجديدة، كانت مديرة المدرسة السيدة أمينة والدة النجمة الكبيرة ميرفت أمين، أذكر أنهم كانوا يطلقون عليّ لقب «فريدة فهمي» لأني كنت أشارك في استعراضات حفلات المدرسة كلها. الغريب أن معظم أصدقائي كانوا من الأولاد، وكنت أبدو مثل «الولد» في تصرفاتي وملابسي».
تضيف يسرا: «كنت أذهب الى المدرسة وأعود منها بدراجة وكنت ألعب الألعاب «الخشنة» الخاصة بالأولاد. مثلاً، كنت ألعب «فوت بول» ولعبة أخرى اسمها «بالون بريزوري»، وهي لعبة تقذف فيها الكرة بشرط ألا تلمسك، فإذا لمستك تخسر وتعاقب.عندما كانوا يسألونني وأنا طفلة «عايزة تطلعي إيه؟» كنت أقول من دون تفكير: دكتورة. كنت أحلم أن أخفف الآلام عن الناس. منذ صغري، كنت أتألم لمجرد رؤية شخص يتألم. كنت أشعر أن أوجاعه في جسدي ودموعه في عيني، وبعد ذلك أدركت أن تركيبتي النفسية والعصبية لا تؤهلني للطب».
عن ذلك الإدراك توضح يسرا: «عندما كنت أصور فيلم «الإنسان يعيش مرة واحدة» مع عادل إمام، كنت أجسد فيه شخصية طبيبة، ذهبت مع المخرج سيمون صالح الى أحد المستشفيات لنصور فيه وبالصدفة دخل علينا مريض يعاني من انفجار في الزائدة الدودية وبمجرد أن سمعت صراخه وشاهدت الألم الذي يعاني منه فقدت الوعي تماماً».
أُعجبت يسرا بالكلمة وبالسلك الدبلوماسي: «في فترة من فترات حياتي أيضاً، تمنيت أن أعمل في السلك الدبلوماسي. كنت معجبة بالكلمة وأحسست أنها تصنع مستقبلاً براقاً. في فترة أخرى، قررت العمل مضيفة طيران، أرسلت صوري وأوراقي الى إحدى شركات الطيران، ويوم الاختبار صدمت عندما علمت أن مكان العمل خارج مصر وأني لن أرى بلدي سوى يوم أو يومين أسبوعيا، فرفضت على رغم نجاحي في اختبارات القبول».
تسرح يسرا بذاكرتها الى الوراء، تبتسم، تتعلق في مشهد يمر أمام عينيها كأنه كان بالأمس: «جدتي هي أول صورة للمرأة في حياتي. هي التي ربتنا أنا وأمي. كانت الصراحة الشديدة والدقة والاحترام أبرز صفاتها. أذكر أن الغداء كان يوضع على المائدة في الثانية بالضبط وبعدها بخمس دقائق لم يكن مسموحاً لأي فرد بالجلوس إلى المائدة، وبذلك الانضباط نفسه أدارت كل شيء في المنزل».
الحب الأول
تعترف يسرا أنها أحبت تلك الطقوس: «لم أعشها إلا مع جدتي، وعندما كانت العائلة بأفرادها تجتمع في يوم محدد من كل أسبوع، كانوا مثل التلامذة وهم يجلسون في وقار حول هذه السيدة. كنت أحب عروسة أحضرتها لي أمي من بلد أوروبي. كانت طويلة وكان شعرها يشبه باروكة ماري انطوانيت وكنت أحاورها وأحكي لها عن كل أمر يحدث في حياتي، اعتبرتها صديقتي الوحيدة على رغم صداقاتي الكثيرة في المدرسة».
فنانة مرهفة الإحساس لا بد من أن يطرق الحب بابها: «طبعاً أذكر المرة الأولى التي أحببت فيها. كان عمري تسعة أعوام حين أُغرمت بإبن الجيران، في تلك الفترة كنت أحب أن أسمع أغنية «ساكن قصادي» لنجاة الصغيرة. طبعاً لم أكن أدرك معنى كلمة حب، لكني شعرت بلهفة وشوق يكبران مع الأيام لمجرد رؤيته. كنت أحس أنه الشخص الذي يستطيع أن يسعدني».
«منذ طفولتي أبحث عن السعادة، لكن لم أكن أفهم أسرارها أو كيف نحصل عليها؟»، لكن المهم أن يسرا، كما تقول، كانت تراقب ابن الجيران لفترات طويلة وتصورت أن ذلك الحب سيكبر معها: «هل تعلم ماذا حدث بعد ذلك؟ هاجر الى أميركا وتزوج وأنجب. نحن أصدقاء، حتى اليوم، نسأل عن بعضنا ونتذكر تلك الأيام بكل براءتها وسذاجتها وجمال معانيها».
تصمت يسرا وتشرد بنظراتها. تطل لمعة حزن من عينيها وتقول: « عشت أصعب لحظة في طفولتي عندما كنت في الخامسة من عمري. لحظة فيها فراق ودموع وألم وقسوة وخوف من الغد، عشت سنوات طويلة فيها عذاب وحرمان واكتشفت أن الألم الذي عشته في طفولتي لم يغادرني فيما بعد طوال العمر و...
تلتقط يسرا أنفاس ذكرياتها.
• في الحلقة المقبلة: يسرا محرومة من حضن والدتها!
الرئيسية 
أحدث الصور 
