جلودنا تنتج مادة كيماوية تشبه الى حد كبير، من حيث المفعول، مخدر الماريغوانا.. لكن هذه المادة مفيدة وضرورية من أجل بشرة صحية ومتألقة.
هذا ما أكده علماء من الولايات المتحدة وهنغاريا في دراسة حديثة، نشروا نتائجها الأولية هذا الأسبوع، وأطلقوا على هذه المادة – مؤقتاً – اسم الحشيش الباطني.
ولتبرئة جلودنا من التهمة، قال العلماء انها ليست وحدها في الميدان، فهناك العديد من أعضاء الجسم تنتج مثل هذه المادة المخدرة، ولو أن المخ يبقى هو المنتج الرئيسي لها.. وبالطبع فان فوائد المادة المخدرة التي ينتجها كل عضو في الجسم تختلف في ما بينها.
الدكتور تاماس بيرو من جامعة ديبريسن في هنغاريا، وهو المشرف على الدراسة يقول ان المادة المخدرة هذه تساعد الغدد الدهنية المنتشرة في الجلد على حمايته من تأثيرات العوامل الخارجية كالجفاف والرياح وأشعة الشمس وغير ذلك الكثير.
ومن المعروف أن الأطباء المتخصصين بالأمراض الجلدية يقولون بوجود علاقة بين الحالة النفسية والبشرة. وذلك بعد ملاحظة أن ظهور الحبوب أو الدمامل.. أو الصدفية.. أو حتى تساقط الشعر مرتبط ومتزامن مع ظروف التعرض للتوتر.
ومن المعروف أيضاً أن نسبة كبيرة من الطلاب تعاني في فترة الامتحانات من مشكلات في البشرة، كالمذكورة آنفاً، بسبب التوتر الذي يرافق الامتحانات. والشيء ذاته يقال عمن يعمل أو يعيش وسط أجواء متوترة.
ويقول الباحث الأميركي أندريه سولومينسكي من جامعة تنيسي أن الدراسة التي ستنشر نتائجها في عدد شهر أكتوبر المقبل من مجلة الجمعية الأميركية للبحوث الحيوية تؤكد العلاقة الوثيقة بين الدماغ والجلد.. فالتوتر يكون في الدماغ، لكن الجلد يتجاوب مع الحالة المستجدة في الدماغ وذلك بافراز مادة نيوروبيبتايد التي كان العلماء يعتقدون انها لا تتواجد خارج الدماغ.
ويؤكد العلماء أن هذه العلاقة ذات اتجاه مزدوج.. فالدماغ يؤثر في الجلد.. وفي الوقت ذاته يؤثر الجلد في الدماغ أيضاً.. فحين تقرصنا نحلة.. أو تغزنا شوكة مثلاً، يكون الجلد أول من «يعرف» ومن ثم يفرز المادة المخدرة التي بدورها تحمي البشرة من جهة، ومن الجهة الأخرى تحفز الدماغ على التصرف.
ويشرح العلماء هذه النقطة بالقول ان الجلد، وهو أكبر عضو في الجسم، أقل تعقيداً من الدماغ الذي يهتم بكل التفاصيل الصغيرة، فالتوتر بالنسبة للجلد هو التوتر، بغض النظر عن أسبابه أو أنواعه.. وبالتالي فهو يتعامل معه كما لو كان هجوماً على الجسم.. وبما أن الوظيفة الرئيسية للجلد هي حماية الجسم ، فان الرد على الهجوم يكون بفرز المواد الكيماوية الواقية من جهة، وتلك المكلفة بايصال الرسالة الى الدماغ من جهة ثانية.
وتكون النتيجة الملموسة شعورنا، حين يصيبنا التوتر، أن البشرة أصبحت دهنية أكثر من المعتاد، بسبب تلك المواد الدهنية الواقية.. كما أن الوظائف غير الحيوية للجلد، كنمو الشعر مثلاً، قد تتوقف أو تخف حسب مستوى التوتر وطول فترته.
وتقول الدراسة انه على الرغم من أن الجلد هو أكثر أعضاء الجسم بساطة وأقلها تعقيداً، فهو يتعامل بصورة مباشرة مع التوتر، حتى قبل الدماغ. والسبب هو أن الجلد معرض دائماً لبيئة التوتر ولجميع مظاهره، وبالتالي فهو مضطر الى تطوير وسائله الخاصة لحماية نفسه.. ومن ثم يتبنى الدماغ تلك الوسائل ويعدلها اذا كانت في حاجة لتعديل.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: اذا كانت أجسامنا مصانع متنقلة للمخدرات.. فهل هذا يعني أننا واقعون تحت تأثير هذه المخدرات؟
من الناحية النظرية: نعم.. لكن من الناحية الفعلية: لا… لأن أجسامنا تفرز هذه المواد المخدرة من أجل غاية محددة، ومن ثم تتخلص منها بعد انتفاء تلك الحاجة.. أي أن كمية المخدرات التي يمكن أن تتواجد في الجسم في أي وقت لا يمكن أن تكون ذات شأن.
الرئيسية 
أحدث الصور 
